خيبة كبيرة وصدمة سياسية وزلزال انتخابي هز أركان الأحزاب الديمقراطية في تونس، وفيما كان أنصار التيار الإسلامي يحتفلون أمام مقر حركة النهضة، بانتصارهم في أول انتخابات تشهدها تونس بعد الإطاحة بالرئيس بن علي، كان الديمقراطيون يتحسرون على خيبتهم الكبيرة، ويفحصون أسباب الخيبة والهزيمة القاسية.
تماما كما قال زعيم الأرسيدي في انتخابات عام 1992 في الجزائر بأنه ''أخطا في الشعب''، اعترفت الأحزاب الديمقراطية في تونس بخطأ خطابها الموجه للتونسيين، وأقرت بهزيمتها في انتخابات المجلس التأسيسي في تونس أمام التيار الإسلامي، وأعلنت دخولها صف المعارضة ورفضها المشاركة في حكومة تقودها النهضة. وأعلن الحزب الديمقراطي التقدمي الذي يقوده أحمد نجيب الشابي والذي كان مرشحا لأن يلي النهضة في الانتخابات، إقراره بالهزيمة وفق النتائج، وهنأ حركة النهضة وأعلن دخوله المعارضة. وقال الشابي إن حزبه سيتحول إلى المعارضة الجدية من داخل وخارج المجلس التأسيسي، وأكد رفض الحزب المشاركة في الحكومة التي تنوي النهضة تشكيلها بعد أيام.
من جانبه صرح المنسق العام للقطب الحداثي الديمقراطي الذي يضم 11 حزبا سياسيا من التيار الديمقراطي، الجنيدي عبد الجواد، لـ''الخبر'' أنه ''بقطع النظر عن النتائج فإن الانتخابات هي إضافة هامة إلى ثورة 14 جانفي. برغم أننا شاهدنا بعض الممارسات من قبل حركة النهضة، تذكرنا بسلوكات التجمع الدستوري في عهد بن علي، لكن مع ذلك، نعتبر أن هذه السلوكات التي يجب تصحيحها مستقبلا لا تؤثر جذريا، في مقابل المكسب الديمقراطي لتونس''. وبرر الجنيدي فشل الأحزاب الديمقراطية ''بحداثتها وقلة إمكاناتها، في مقابل إمكانات النهضة وعملها الاحترافي، إضافة إلى تفكك الأحزاب الديمقراطية''. مضيفا أن ''الشعب التونسي ربما صوت للنهضة وللمرزوقي بالنظر إلى نضالهم السابق في عهد بن علي ومواقفه الراديكالية ضدهما''، وقال ''مع إقرارنا بالنتائج فسنواصل العمل والمعارضة داخل المجلس التأسيسي وخارجه، وسنعيد تشكيل ومراجعة القطب الديمقراطي''.
غير أن أحزابا ديمقراطية أخرى مازالت تحت الصدمة، ولم تخرج قياداتها عن صمتها حتى الآن، بمبرر أن النتائج النهائية لم تعلن بعد، ورفض الأمين العام لحزب التجديد، أحمد ابراهيم، أكبر الأحزاب الديمقراطية في تونس، وأكثرها عداء لحركة النهضة والتيار الإسلامي، التعليق على نتائج الانتخابات بحجة أنها لم تعلن بعد. وقال إن النتائج لا تعبر بالضرورة على الواقع السياسي في تونس، لكون الانتخابات جاءت في ظروف خدمت الأحزاب الاسلامية دون غيرها، كما أن هذه الأخيرة استفادت من إمكانيات وقامت بممارسات وسلوكات غير ديمقراطية، وأكد أحمد ابراهيم أن حزب التجديد وأحزاب القطب الحداثي الـ11، لن تشترك في حكومة تقودها النهضة، وقال: ''أبدا وليس واردا قطعا أن نشارك في حكومة النهضة''.